الجينات والشعوب واللغات

التحميل من هنا" DOWNLOAD
الجينات والشعوب واللغات
حجم الكتاب:5.71mb
عدد الصفحات: 260

المؤلف : لويجي كافللي سفورزا
ترجمة : د. أحمد مستجير
الناشر : المشروع القومي للترجمة 










علم الجينات يكشف عن الأسباب الحقيقية وراء قدرة الإنسان على تعلم اللغات الحية بسرعة ! 
هذا الكتاب الشيق يعتبر تأريخـًا للمائة ألف عامٍ الأخيرة ، وهو يرتكز على علم الآثار 


القديمة "الأركيولوجيا" ، وعلم الوراثة وعلم اللغة . 
وأبوابه الرئيسة عن الجينات والتاريخ - طريق في الغابة - عن آدم وحواء - الثورات 

التكنولوجية وجغرافيا الجينات - الجينات واللغات - نقل الثقافة والتطور ، هذا والكتاب 

مزود بمعجم عربي - إنجليزي - ، وإنجليزي - عربي للمصطلحات الواردة في متن 

الكتاب ، كما يضم الكتاب كذلك بعض الخرائط والرسوم التوضيحية

 . 
وحين نعود للحديث عن موضوع الكتاب ، الذي يرى مؤلفه أن كل عشيرة هي عالم 

مصغَّر يلخص عالم البشر كله ، حتى لو تباين التركيب الوراثي الدقيق ، هذا التباين بين 

أي فردين عشوائيين داخل أي عشيرة واحدة ، يبلغ (85%) من التباين بين أي فردين

 اختيرا عشوائيـًا من عشيرة البشر بالعالم كله ، إن البيانات الوراثية للعشائر الموجودة ، 

والجينات وتكرار الجينات ، تعتبران من أكثر المصادر ثراءً للمعلومات التطورية ، أي

 التي تدل على تاريخ تطور الإنسان . 

ويفاجئنا المؤلف بسؤال عن موعد ظهور الجلد الأبيض ؟ ويقول إنه ليس من المستحيل

 أن يكون قد نشأ في أفريقيا ذاتها سواء في شمالها أو في الشمال والشرق معـًا ، وأنه 

ليس لدينا ما يكفي من المعلومات حول الجينات المسؤولة عن لون الجلد ، سوى أن 

هناك على الأقل ثلاثة جينات أو أربعة هي المسؤولة عن ذلك ، ويقول إن الأوروبيين 

هم نتيجة المزج الوراثي الناجم ، - على أغلب الظن - عن هجرات من القارتين 

المجاورتين ، أفريقيا وآسيا ، فإذا ما حاولنا تحديد التركيب المضبوط لهذا الخليط ،

 فسيكون الأوروبيون خليطـًا ثلثيه آسيوي ، والثلث أفريقي ، وأن البيانات تقترح موعداً بعيداً في حدود 30 ألف عام . 
وعن اللغة البشرية ، يقول المؤلف ، إنها وصلت إلى حالتها الراهنة من التطور منذ 

(50-150) ألف عام ، وقد بلغت حوالي خمسة آلاف لغة أو أكثر ، وأن لها نفس 

المرونة ، ولها نفس إمكانيات التعبير . وأن كل البشر من ذوي الذكاء المتوسط ، يمكن

 أن يتقنوا أي لغة إذا ما بدأوا في عمر مبكر ، أما بعد عمر خمس أو ست سنوات ، 

فيكاد يستحيل أن يتقن الطفل لغة جديدة ويتحدثها بفصاحة . 
مفهوم التطور 

ولكن لماذا يوجد تشابه بين التطور البيولوجي واللغوي ؟ يذكر المؤلف أن "هناك 

تشابهات مهمة بين تطور الجينات واللغات ، ففي كلتا الحالتين يمكن لتغير أن يظهر في 

فرد واحد ، وأن ينتشر فيما بعد في العشيرة كلها ، وتُسمَّى مثل هذه التغيرات في 

الجينات باسم "الطفرات" وهي تمرر من جيل إلى جيل ، ومن الممكن أن يزداد تكرارها 

بعد عدد كبير من الأجيال ، بل وقد ينتهي الأمر بأن تحل الطفرة محل النمط الأصلي 

كلية ، والجينوم محفوظ ومحمي جيداً من التأثيرات الخارجية ، والطفرات الوراثية 

نادرة ، ويتم انتقالها فقط من الأب أو الأم إلى النسل ، أما التغيرات اللغوية فهي أكثر 

تكراراً ، كما تنتقل أيضـًا بين أفراد لا تربطهم صلة قرابة ، ونتيجة لها تتغير اللغة

 بصورة أسرع من الجينات . فإذا كانت الكلمة تقاوم التغير في الواقع ألف عام ، فإن الجين يبقى بالفعل دون تغير ملايين بل بلايين الأعوام" . 

ورغم هذه الفروق فإن هناك سببين كي نتوقع تشابها مهمة في تطور هاتين المنظومتين 

وبادئ ذي بدئ ، يؤكد المؤلف أنه ليس ثمة سبب للاعتقاد بأن للجينات أثراً على قدرة 

الفرد على التحدث بلغة دون أخرى ، وأن للإنسان المعاصر القدرة على تعلم أية لغة ،

 أما أول ما يتعلمه من اللغات ، فهو أمر يرجع لتاريخ ميلاده وموطنه .
وإذا كان ثمة تفاعل بين الجينات واللغات ، فإن اللغات هي التي تؤثر في الجينات ، 

لماذا ؟ لأن الفروق اللغوية بين العشائر تقلل فرصة التبادل الوراثي بينها
 
ويعود المؤلف للسؤال ، كيف يمكن لهاتين المنظومتين المختلفتين جداً ، الجين واللغة ،

 أن يسلكا مسارين متوازيين ؟ والإجابة كما ساقها المؤلف ، هي أنه إذا تمايزت كل 

عشيرتين معزولتين تمايزاً وراثيـًا ولغويـًا ، فالانعزال يقلل من احتمال الزواج بين 

العشائر ، ومن ثم فإذا ما عزلت عشيرتين عن بعضهما ، تطورتا مستقلتين ، وأصبحتا 

بالتدريج مختلفتين ، ويحدث التمايز الوراثي بين العشائر في بطء ، ولكن على نحو 

منتظم عبر الزمن . ونفس الشيء يحدث بالنسبة للغة ، فالانعزال يقلل التبادل الثقافي

 بين العشيرتين ، فتتباعد لغتاهما وتمضي كل منهما في طريقها . 

في الفصل الأخير من الكتاب يحدثنا المؤلف عن نقل الثقافة والتطور ، فيذكر لنا تعريفـًا 

مطولاً للثقافة ، وكيف أنها الدرب الوحيد الذي يسمح للمعارف عن المعالم أن تتراكم عبر الأجيال ، ولكن كيف تنقل الثقافة ؟

"نكتسب ثقافتنا ممن هم حولنا ثم نمررها بدورنا إلى الآخرين ، ولكن هناك اختلاف مهم 

في نقل الصيغ الثقافية ، فهناك النقل الرأسي الذي يصف مرور المعلومات من الآباء 

إلى الأبناء ، والنقل الأفقي الذي يشمل كل السبل الأخرى بين الأفراد غير الأقارب" . 

ونجد أن التطور الثقافي يعتبر بطيئـًا تحت نظام النقل الرأسي ، الذي يشبه النقل الوراثي 

؛ لأن وحدة الزمن فيه تكون هي الجيل ، أما النقل الأفقي فمن الممكن أن يكون سريعـًا 
؛ لأنه يتم بين أفراد غير أقارب وبطرق كثيرة . التفاني والتكيف 

ثم تحدث المؤلف كذلك عن الثقافة كوسيلة للتكيف البيولوجي ، فذكر أن القدرة على 

التعلم هي واحدة من أهم الخصائص الأساسية للحياة ، أما الثقافة ، أي القدرة على التعلم من تجارب الآخرين ، فهي ظاهرة خاصة تعتمد على سرعة التواصل مع الآخرين .

 
ويؤكد المؤلف في نهاية الفصل أن المستقبل البشري من المنظور الوراثي ، لا يحمل 

الكثير من الإثارة ؛ لأن نوعنا لن يتطور بالسرعة التي تطور بها حتى الآن .
 
لقد تسبب التطور الثقافي في إبطاء التطور البيولوجي بشكل واضح ، فالتقدم في الطب 

يكاد يقضي على أمراض الموت قبل أن يتزوج كل فرد وينجب

تعليقات