لغة عاد- على احمد محاش الشحرى

التحميل من هنا" DOWNLOAD


حجم الكتاب :44mb
عدد الصفحات 626
الكاتب :  على احمد محاش الشحرى

يحتل هذا الكتاب المرجعي ، مكانةً هامة في حقل دراسات العالم القديم ، لخصوصية مادته وغناها وتفردها . وهو حصيلة جهود استمرت اثنتا عشر عاماً . والكتاب يحفر في أرضٍ بكر ، مازالت بحاجة إلى مزيد من البحث والتحقيق ، وهو الثاني لمؤلفه الباحث الأستاذ علي بن أحمد الشحري بعد كتابه الأول : ظفار كتاباتها ونقوشها القديمة .

وومضة مضيئة كهذه ، لا يضطلع بها فرد ، بل يجب أن تدعمها المؤسسات الثقافية والعلمية لما لديها الإمكانيات الكافية ، لذلك تتجه الأنظار بعد هذه التجربة الرائدة للأستاذ الشحري إلى جامعة السلطان قابوس ، وجامعة ظفار ، وإلى وزارة التراث القومي والثقافة ، نحو إنشاء قسم خاص لدراسة اللغات القديمة بظفار والحفاظ عليها وعلى تراثها الثقافي من الاندثار والضياع ، ودراسة الحضارات الغابرة التي سادت وبادت ، لكي لا نجعل تراث أرضنا نهباً لانقراص الرياح ، وأيضاً كي تدخل معترك الدراسات والبحوث التي تدرس تراث هذه المنطقة الخصبة من العالم القديم .

وكان باحثون أكفاء نادوا بذلك منذ أمدٍ طويل ، أهمهم المرحوم الدكتور جواد علي في كتبه المرجعي المفصل تاريخ العرب قبل الإسلام ، وقد كتب قائلاً : وفي العربية الجنوبية قبائل تتكلم اليوم بلهجات يرجع نسبها إلى اللهجات العربية الجنوبية القديمة ، لأن في ألفاظها وفي تراكيب جملها ودراستها في هذا اليوم ، ضرورة لازمة لمن يريد الوقوف على تاريخ اللغة العربية قبل الإسلام . ويستطرد الدكتور جواد علي قائلاً : لنتعرف على أصول هذه القبائل والأماكن التي جاءت منها والأثر الذي تأثرت به من القبائل . وهذا التغير الذي أشير إليه هو شيء طبيعي وقع قبل الإسلام ، كما وقع في الإسلام ، فقد ماتت الأسماء الجاهلية في الإسلام وحلت محلها أسماء إسلامية ، وماتت ألفاظ جاهلية بسبب إماتة الإسلام لها ، أو إعراضه عن استعمالها أو بسبب تغير الذوق ، فلم تعد تصلح للاستعمال ، وولدت ألفاظ إسلامية لم تكن معروفة عند الجاهليين . فكلمة الجدشة مثلاً ، تعود إلى جشت العربية ، التي حكمت تلك البلاد ، وهي كلمة عربية جاءت من أجديش ، وتعني جمع الشيء بطريقة جشعة.

إن ذلك يخرج عن نطاق شبه الجزيرة العربية ، إذ يمتد هذا المعنى في أعماق التاريخ إلى الهجرات العربية القديمة ، جنوباً إلى الحبشة ، ودولة أكسوم .

يبحث المؤلف في تاريخ القبائل الأساسية بظفار أي الشحر والمهرة ويذهب استناداً إلى قراءات تاريخية لجواد علي والواسطي والهمداني ، وأبعد من ذلك إلى المصادر التوراتية والإنجيلية ، إلى أن هذه القبائل هي بقايا القبائل العربية القديمة التي تنسب إلى عاد الأول ، وأنها بقيت بعد تفكك المنطقة السامية القديمة وهي منطقة الأحقاف أو بلاد عاد . عرفت هذه القبائل لاحقاً بالمعيدندين ثم بالسبئيين والحُميريين ، وذلك ضمن الأقوام العربية ، التي كانت تندرج تحت هذه الأسماء . وفي التوارة دخلت ضمن قبائل أوفيرعوس وبارح وسبأ وغيرها . فهي إذن تنسب على ما يغلب الساحة التاريخية ، وذلك ضمن الإطار العربي السامي . أما حول المهرة والشحر فهم من سلالة واحدة هي سلالة مهر بن حيدان ، لذلك سميت المنطقة باسم أبيهم بلاد المهرة . كما عرفت ظفار ببلاد الشحرة نسبة إلى شحر بن قحطان مثلما يقول العوتبي الصحاري أو شحرايم مثلما ورد اسمه في التوارة .

في فصل خاص بالكتاب ، يتعرض الكاتب لتقديم حصر مفصل حول القبور القديمة في ظفار ، نخص بالذكر منها الأهم وهي قبور الأنبياء ، المختلف جداً حو صحة إنتسابهم إلى تلك الأرض من عدمها . والباحث يميل هنا إلى توثيق إنتساب الأنبياء : هود بن عابر ، وعابر بن هود ، وصالح بن هود ، والنبي أيوب بظفار . فالقبور إذن قبورهم . ولكنه يشكك فقط في قبر النبي عمران ، حيث لا يوجد نبي بهذا الاسم في المصادر العربية والتوراتية ، وإذا كان المقصود هو عمران والد مريم العذراء ، فالأصح إذن أن يكون قبره في فلسطين وليس ظفار . وحيث أن القبر هو أطول قبر في العالم ، يبلغ حوالي ثلاثين متراً ، فالاعتقاد السائد في هذه الحالة ، وهذا ما يؤكده الباحث أنه قبر لعائلة واحدة ، قُبر أفرادها الواحد تلو الآخر ، ثم أصبح لهم هذا القبر الطويل .

يعود الباحث لتأكيد وجهة نظره ، إلى قراءة تاريخ الأحقاف ، وهم سلالة قوم عاد ، التي كانت تعيش بجنوب الجزيرة العربية ، وما ذكر من أن النبي المبعوث إليهم قبره بالقرب من نبع ماء بقرية تدعى قوهوف والموقع يسمى حفوف ، وحتى الآن فالقرية تدعى بالعربية حفيف ، والموقع على ما هو عليه في المصادر التاريخية ، ويحوي على أربعة عيون هي : ضيوغوت ، عفيليه ، جيريه ، إشآم . ثم يميل إلى تأكيد صحة انتماء النبي صالح بن هود ، الذي بعث إلى الشحرة ، البقية الباقية من قوم عاد ، وكانت ثمة طقوس تكشف المزيد للباحثين ، ربما تكون قد اندثرت الآن ، المعروفة بإسم [ هيلي مكبور ] وهي أغان شحرية تقوم بها النساء حارسات القبر ينشدنها مهرولات إليه .

ويقدم الباحث عرضاً عميقاً حول صحة قبر الني أيوب ، ويستعين في إثباتاته بصحة وجوده هناك اعتماداً على مصادر تاريخية مختلفة أهمها التوراة ، وقصص الأنبياء لابن كثير . ويعقد مقارنات لغوية بين الشحرية والعربية ، وهو في ذلك يسير في نفس الاتجاه المعتمد على الدراسات والمقارنات اللغوية للهجات واللغات القديمة في الجزيرة العربية ، لإثبات فرضيات تاريخية مختلفة ، أهمها الدراسات التي أثارت جدلاً واسعاً منذ صدورها وحتى الآن ، وهي دراسات الأستاذ كمال الصليبي خاصةً كتابه : اليهود جاؤوا من الجزيرة العربية .

تعليقات